نظم مجمع الأمثال للميداني المسمى فرائد اللآل في نظم الأمثال

مقدمة في معنى المثل وما قيل به
اصغ إلى تحقيق معنى المثل...واغن بنور شمسنا عن زحل
ذلك قول سائر شبه به...بأول حالة ثان فانتبه
وهو من المثال والتشبيه في...معناه أصضل فتأمل واعرف
فقولهم بين يديه مثلا...أشبه بانتصابه حين انجلى
لصورة منصوبة وأمثل...أشبه معناه على ما نقلوا
إذا فكنه مثل ما جعلا...علم تشبيه بحال أولا
كقول كعب للتي بها اشتغل...كانت مواعيد لعرقوب مثل
قال المبرد: المثل مأخوذ من المثال، وهو قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول ، والأصل فيه التشبيه ، فمعنى مثل بين يديه إذا انتصب أشبه الصورة المنتصبة. وفلان أمثل من فلان أي أشبه بما له من الفضل . والمثال القصاص لتشبيه حال المقتص منه بحال الأول .
فحقيقة المثل ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الأول، كقول كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا...وما مواعيدها إلا الأباطيل
فمواعيد عرقوب علم لكل ما لا يصح من المواعيد
وقيل لفظ المثل الذي يرى...مخالفا لفظا لمضروب جرى
موافقا معناه معنى ذاك إذ...شبه بالمثال بل منه أخذ
وهو الذي عليه غيره عمل...هذا الذي عن ابن سكيت نقل
قال ابن السكيت المثل لفظ يخالف لفظ المضروب له ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ شبهوه بالمثال الذي يعمل عليه غيره.
وقيل إن الحكم التي ترى...منصوبة في العقل صِدْقا صُوَرا
قد أشبهت في نصبها تمثالا...لأجل هذا سميت مثالا
قال غير المبرد وابن السكيت: سميت الحكم القائم صدقها في العقول أمثالا لانتصاب صورها في العقول مشتقة من المثول الذي هو الانتصاب.
واجتمعت أربعة في المثل...منها سواه قد خلا كل جلي
إيجاز لفظ وإصابة لما...عني وتشبيه بحسن وسما
رابع هذي جودة الكنايه...بها البليغ أدرك النهايه
وجعلك الكلام يبدو مثلا...أوضح للمنطق فيما نقلا
ولشعوب ما حكيت أوسع...وهو يرى آنق حين يسمع
قال إبراهيم النظام: يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام، إيجاز اللفظ وإصابة المعنى ، وحسن التشبيه، وجودة الكناية، فهو نهاية البلاغة، وقال ابن المقفع: إذا جعل الكلام مثلا كان أوضح للمنطق، وآنق للسمع، وأوسع لشعوب الحديث.
والمِثْل فيما قيل مثل المَثَل...وهكذا البِدْل يرى كالبَدَل
والشِّبْه مثل شَبَه والنَّكَل... كالنِّكْل في المعنى على ما نقلوا
فالمِثْل ما الشيء به يمثل...لكنه موضعَ ذا لا يُجعل
وإن غدا موضعَ ذاك يوضع...هذا على ما قاله من يُسمع
إذ صار لفظ مثل مصرحا...لذا الذي يضرب فيما أُوضِحا
ثم يردُّ للذي قد كان له...شاهده ما قاله من مثّله
في قول رب الخلق ساء مثلا...ومَثَلُ الجنة جل وعلا
هذا الذي حرره الميداني...في الأصل قد نضّده بناني
قال الميداني أربعة أحرف سمع فيها فِعْل وفَعَل ، وهي مثل ومثل، وشبه وشبه،وبدل وبدل، ونكل ونكل، فمثل الشيء ومثله،وشبهه وشبهه: ما يماثله ويشابهه قدرا وصفة. وبدل الشيء وبدله غيره، ورجل نكل ونكل للذي ينكّل به أعداؤه. وفعيل لغة في ثلاثة من هذه الأربعة، يقال : هذا مثيله وشبيهه، وبديله ، ولا يقال : نكيله.