العودة   منتديات مدينة السوق > قسم اللغة والدروس العلمية > المنتدى الأدبي

المنتدى الأدبي ميدان للإبداع خاطرة أدبية أوقصة أو رواية أو تمثيلية معبرة أو مسرحية أو ضروب الشعر وأشكاله

Untitled Document
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-19-2010, 04:21 PM   #12


الصورة الرمزية عبدي أق تلي
عبدي أق تلي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2725
 تاريخ التسجيل :  Aug 2010
 العمر : 40
 أخر زيارة : 12-03-2011 (07:58 PM)
 المشاركات : 234 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
إن كيدكن عظيم



- فنهضت.. وقالت : سآتيك بالدواء الذي تستعمله أمي .. وأمسكها من يدها وهو يقول : إنه فقط.. أصابه بعض الغبار . وترك يدها ومد يده إلى طعام الإفطاروهو يقول : بسم الله ...
- لم يكن أمام يسار إلا أن يغير طريق ذهابه إلى محل أبيه ، لكي يتجنب رؤية حسناء ، سيسلك طريقا آخر ، وإن كان طويلاً ، ولم يتعود على سلوكه من قبل .
- ومضى يسار ، وحمد الله على السلامة ، فقد مر اليوم الأول والثاني والثالث دون أن يراها . ولكن صورتها لم تغادر خياله .. وصوتها يهمس في أذنه ، ونظرتها .. وفي كل يوم يزداد شوقًا وتلهفًا .. والمكان الذي احتلته في قلبه بدأ يتسع . ولكنه كان يقاوم ويحاول أن يأسو جراح قلبه .
- و في مساء اليوم الرابع ، ذهب يسار بعد صلاة العشاء ، إلى بيت القاضي وقد تأخر ذلك المساء في بيت القاضي ، فلما خرج ، كانت السماء قد ادلهمت بالغيوم ، وأخذت ترسل رذاذًا ، فأسرع يسار إلى منزله ، خشية أن يدركه المطر . وقبل أن يصل إلى البيت بخطوات ، برز من زاوية مظلمة ، رجل متوسط القامة ، وقال بصوت هادئ : هل تسمح يا سيدي ؟
- ونظر إليه يسار ، وتبين ملامحه ، إنه خادم حسناء .. مريد .. وعاد هذا يقول مرة أخرى : إن سيدتي مريضة .. وهي تود أن تراك .
- لقد ظن أنه تخلص منها نهائيًا ، وظن أنها لن تعترض طريقه . ولكن هاهو خادمها يأتي ليذكِّره بها ، ليجذبه إليها .
- قال يسار : ويحك يا رجل . وما شأني بمرضها ؟ وسكت قليلاً ثم أضاف : ادع لها طبيبًا .
- فأجاب الخادم بلهجة صادقة : لم أجد الطبيب في بيته يا سيدي . فأرسلتني أدعوك .
- ولما نظر إليه يسار متعجبًا ومستغربًا ، أضاف الخادم يقول : ربما تريد أن تسرَّ لك بأمر يا سيدي , إنها يا سيدي في حالة يرثى لها .. إنك لو رأيتها يا سيدي ، لرق لها قلبك .. من يدري .. ربما لا تعيش إلى الغد .!
- ومسَّت قلبه العبارة الأخيرة ، فهتف مأخوذًا : لا تعيش إلى الغد ؟
- وهزَّ الخادم رأسه وهو يؤكد : الأعمار بيد الله يا سيدي . ربما تريد أن تبوح لك بسر ..
- ودق قلب يسار وهو يحرك شفتيه : سر ؟
- ولم يشعر يسار إلا كما يشعر السابح الذي ألقي في اليم ، فنال منه الجهد والتعب ، وأخذت الأمواج تتقاذفه إلى حيث تشتهي ولا يشتهي ..!!
- كانت الفوانيس تبدو باسمة مستسلمة مسرورة بما ترسل السماء من رذاذ ، وكان بعضها يبدو خائفًا وجلاً قد انخنس نوره مترقبًا لما قد تأتي به بعد ذلك ، ولاسيما في هذا الموسم من آخر الشتاء .
- عندما فتح الخادم باب الغرفة التي ترقد فيها الفتاة ، طارت إلى أنف يسار رائحة المسك ، وبدت الغرفة في تأثيث فاخر ، وفي صدرها سرير قرطبي ، يتدلى فوقه سراجان, وقد تمددت حسناء على ذلك السرير القرطبي وارتاح شعرها الكستنائي الطويل الناعم على ترائبها .
- كانت حسناء تئن وتتأوه ، وتتلوى من الألم . ولم يصدق يسار أول الأمر ، وقد تسمرت قدماه في أول الغرفة ، وظن أنه قد خدع ! ولكن تردده لم يطل .. فقد التفتت إليه بعينيها المتضرعتين ، فخفق فؤاده وانجذب إليها كالمسحور ، حتى إذا صار قريبًا منها قال بصوت اجتهد أن يكون خافتًا كأنه من دنيا الأحلام : حسناء ..
- وأجابته بعينيها ، وهي تصغي إليه ، تستمع لألحان صوته العذب ، وصدرها يعلو ويهبط .. وراح يسار يردد كالنائم : حسناء .. كيف حالك يا حسناء ؟
- وتبسمت وهي تغالب دمعة متألمة ، وقالت بصوت يشبه الأنين : لقد خشيت أن أموت ولا أسمع اسمي يتردد على لسانك ..
-فهتف كالمأخوذ : حسناء .. أنت ملء القلب يا حسناء .
- وتدحرجت الدمعة على خدها طربًا ، وقالت والابتسامة تشرق على وجهها : يسار .. أنا ..
- وهتف مرة أخرى : أنت يا حسناء .. أنت ملء القلب .
- وانتقلت على أنغام صوته ، إلى عالم مملوء بالرياحين ، فتحركت في مكانها وأرادت أن تجلس ، ولكن الألم عاودها .. فتأوَّهت ، وتلوت في فراشها وأخذت تئن أنينًا يشبه النحيب . وكان ينظر إليها ، ويحس بقلبه الغض يتلوى معها ، ويئن ، ويتمنى لو زال عنها الألم .
- كانت جدران الغرفة مصبوغة باللون الوردي الفاتح والسراجان المتدليان فوق السرير يضيفان على الغرفة بهاءً ورونقًا ، والموقد الصيني في جانب الغرفة يشيع الدفء . وعندما خفَّت عنها وطأة الألم ، نظرت إليه وقالت : إنني .. وتطلَّع إليها ، إلى شفتيها القرمزيتين ، إلى حبات العرق التي تصببت على جبينها نتيجة الحمى ، يريد أن يسمع ما تقول .. ولكن الدموع غلبتها .. قال لها بصوته المتألم : أنتِ تبكين يا حسناء .
- قالت وهي تنظر إليه متشبثة : إنني أخشى أن أموت .
- وهتف دون وعي : عافاك الله يا حسناء .
- ثم أضاف يطمئنها : إن صحتك جيدة .
- قالت ، وقد سرها أن تنظر إلى عينيه اللتين روَّعهما كلامها : هل تريدني أن أعيش ؟
- وأدارت رأسها إلى الناحية الأخرى ، وهي تبكي بصمت فلما رأى الدموع تنساب على خدِّها ، تحطمت جميع الأقفال التي أقامها على قلبه ، وفتحت الأبواب كلها دفعة واحدة .. وهتف كالمجنون : حسناء .. كفكفي دموعك يا عزيزتي .. ارحمي قلبي ....
يتبـــــــــــــــــــــــــع
مــــــــــــــــــــــــــنقـــــــــــــــــــــ ــــــــــول




 

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
قصة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع