العودة   منتديات مدينة السوق > قسم الحوار الهادف > منتدى الحوار الهادف

منتدى الحوار الهادف حول القضايا الدينية والتيارات الفكرية والإقتصادية والإجتماعية

Untitled Document
إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-13-2010, 06:41 AM
اليعقوبي غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 46
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 فترة الأقامة : 6110 يوم
 أخر زيارة : 07-20-2020 (12:54 AM)
 المشاركات : 668 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : اليعقوبي is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: همسات لكتاب تاريخ وأدب السوقيين



تابع لما قبله:
7) قلتم: (فمن حق كل واحد أن يذكر ما يعلمه، وإن كان لدى غيره خلافه، فليأت به على ضوء قوله تعالى: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

ولنكن واعين حق الوعي لقوله تعالى: ولا تلبسوا الحق باطل..)


وهل خالفتك في هذا؟؟ أو صادر أحد حقك في أن تكتب ما يشاء


.

(


هذا أمر، وأمر آخر: فقد نزل كل واحد تراجم أعلام قبيلته، من غير تعرج إلى أعلام القبائل الأخرى، ومع ذلك فلا يلامون، لأنهم أدلوا بدلو ما يعلمونه ويتقنونه.

وشكرهم الحال قبل لسان المقال، لأنهم أسهموا في إبراز بعض ما لديهم من أعلام سلفنا البار آل السوق.


علماً أن من ذكر علماً من أعلام السوقيين فإنه ينبغي أن نقدم له الشكر والتقدير، لأن هذا من واجب الجميع الذي لا يكتمل إلاّ بمثل ذلك.


ولا سيما، الاستفادة من المثل المشهور: أهل مكة أدرى بشعابها.)


أولا


: قبلكم لا نعلم أحدا تكلم عن قبيلته ... فأنتم أول من سن هذه السنة وليتكم كنتم موضوعيين ولم تنهجوا منهج المبالغة بحيث جعلتم أنفسكم مجرات ونجوما وأئمة التاريخ وأئمة النقد والحديث وابن معين وشعبة... فبالله عليك ما ذا تركت لبقية السوقيين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وكان الاتفاق أن تكون الكتابة جماعية موحدة


..

ثم نزل الإخوان نقولا بحتة


!!! موضوعية !!!! في تراجم بعض السوقيين على الترتيب الزمني...

ثم إني نقلت بعض التراجم من الجوهر الثمين من غير زيادة


!!! لعلك تتنبه إلى ذلك فأبين لك .. لكن ظهر أنكم ما تنبهتم.. عفا الله عنا وعنكم.

ثانيا


: ما تلكأ أحد في شكر كل من ساهم في نشر تراثنا.. ولا ينبغي أن يخطب الشكر والتقدير على ذلك.. فإن ذلك من المن ...

8)


قلتم: فليس من المنطق السليم أن نقابله بالتشكيك في حسن صنيعه إلى اتهام سريرته بما لا يعلمه إلاّ عالم السر وأخفى.

فمن نظر في أخيه بغير الظن الحسن فقد ضلّ ضلالاً مبيناً.


وسيحاج بحديث: هلا شققت قلبه.


حتى يتبين لنا في صنيعه برهان مبين، لا يقبل التأويل لوضوحه، فعند ذلك الظالم لنفسه مبين.


من شكك في حسن صنيع أحد؟


من اتهم النوايا؟


من نظر إلى أخيه بحسن الظن؟


إن الاتهام بهذه التهم هو بحد ذاته وقوع فيها


!!!

ألم أهمس


!! ألم أعمم!! ألم ألوح !!

وأبيت إلا أن تكون حجيجي وخصيمي وكأن لم يكتب في أدب وتاريخ السوقيين إلا أنتم


.. عفا الله عنك.

9)


قلتم: (ولله الحمد أما أنا فإنه ما كتبت شيئاً في مواضع أعلامنا السوقيين إلاّ ومهدت له بتمهيدات تعانق مجد السوقيين بالعموم، ثم أتناول الخصوص بترجمته ـ حسب سنن المؤرخين..

هذا وإن فتح باب الظنون السيئة، والطعن في المصادر، فإنه يقودنا إلى هاوية المهاوي، بل ذلك من الحالقة التي لا تبقي ولا تذر، ولا يرضاه الجميع لموقعنا الموقر.


فإن الطعن بالمصادر يتناول طعن الجميع بمصادر الآخرين المنقولة والشفوية، وكل ذلك باطل، الذي لا يرد به باطل فضلاً عن حق.


فلتحترم المصادر إلاّ في معرض النقد العلمي الرصين البناء، حسب منطوق الخطأ لا غير.)


هذا مثال من العاطفية فإن من أدب وتاريخ السوقيين تراثكم الكريم، وهنا تحدثت عنه فعطفت متعطفا فقولك


: (ومهدت له بتمهيدات تعانق مجد السوقيين بالعموم) ينبغي أن يكون ضمن قصيدة ترسل إلى تن أهم لا ضمن وصف الإنسان لإنتاجه العلمي.. ثم ذكرت أنك سرت على سنن المؤرخين، وهذا إن كان مصطلحا قديما فما المراد به، وإن كان مصطلحا خاصا بك، فمن هم المؤرخون الذين تعلمت منهم العاطفية حتى نغزوهم ونفك أسرك منهم، فأنت رجل منا برجال. بارك الله فيك.

أما الظنون رحمك الله فمن أوردها؟؟


وما مناسبتها؟؟


فهل شققت عن أدمغتنا؟؟ وهل باحت كلماتنا بظن ؟؟


ثم من طعن في مصادرك أو مصادر أحد، وهل ذكرت مصدر أحد في هذا الهمسات أو غيرها


.

10)


قلتم: (إن من الواجب على الهمسات، أن تتناول بيان ما موقع من: كتاب التاريخ وأدب السوقيين؟ من الأخطاء إن كانت، من باب النصيحة، ولا سيما إذا توغلت في معاني الجرح، الذي سنن له أرباب النقد الحقيقي قواعد، منها:

قول الإمام النووي ـ رحمه الله:ولا يقبل الجرح إلاّ مبين السبب..


قال السيوطي في شرح هذه الجملة المحكمة: لأنه يحصل بأمر واحد ولا يشق ذكره، ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح والتعديل بناءً على اعتقاده جرحاً، وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه لينظر هل هو قادح، أولا. كتاب: تدريب الراوي ـ قبول الجرح والتعديل، واشتراط ذكر السبب.)


أولا


: لم أكن قانص أخطاء.. إنما أنا مؤصل لفكرة إن كانت صحيحة فاتبعوها، وإن كانت خاطئة فنبهوني أرعو ..

ثانيا


:أدعي أني ناصح وليس من شروط الناصح أن يعدد الأخطاء..

ثالثا


:أيهات أن أكون جارحا، لغة ولا في اصطلاح الفقهاء .. ولا المحدثين ..

رابعا


:أتحف طلاب العلم وعلم الحديث خصوصا ــ بمناسبة هذه الزوبعة العلمية التي أثارها ليرضني بكلكلها وقد أكلتها العلوج منذُ ـ بثلاث مسائل أرى أن إيفاءها حقا حق لهذا العلم الجليل علي، الذي هو أحب العلوم إلي..

الأولى


:الجرح: بفتح الجيم مصدر جرحه ويقال في المعاني، ويقال بالضم في الأجسام، بل فيهما وجرح اللسان كجرح اليد، وهل هو مجاز في المعاني أم حقيقة بحث.

وحده في اصطلاح المحدثين


: كما عقدته في منة الجليل:

والجرحَ قل ما يقتضي وصفا لرد


***أو ضعف أو تليين مروي ورد

في ضبط أو عدالة الراوي له


*** وعكسه ما يقتضي قبوله

والجرح له محل وأثر، أما المحل فهو عدالة أو ضبط الراوي، وأما الأثر فهو رد المروي مطلقا، أو تضعيفه بحيث لا يقبل إلا بمتابع، أو مسه بشيئ من التليين ينزله من أعلى وأواسط درجات الصحة إلى ما يلامس درجات الضعف


(المراتب المتجاذبة).

وهذا علم عظيم يعلم الله أني ما تطرقت إليه في الهمسات


.. ولو .. لصرخت به.

الثانية


: أرباب النقد الحقيقي إن كان المراد بالنقد: الحديثي كما يقتضيه السياق، فإذا خرج المجازي وبقي الحقيقي فمن المهمّ معرفة أربابه وهل لهم قول في المسألة الآتية..

فليعلم أن النقاد والمعدلون والمجرحون صنفان


:

صنف عاصروا رواة الحديث ووقفوا على سيرهم وخطوطهم وكتبهم وأحوالهم، ثم حكموا عليهم وعلى أحاديثهم


.

صنف درسوا أقوال الصنف الأول وجمعوها وصنفوها وبينوا فقه الجرح والتعديل وما يقصد بالعبارة الفلانية وهكذا


.

فالأولون هم أرباب النقد، وهم المرجع والمصدر، ومن أولهم من الصحابة أبو بكر وعمر وعلي وعائشة، ثم من التابعين الحسن وابن سيرين والزهري ثم الأوزاعي ومالك ويحي بن سعيد القطان، ثم عبد الرحمن بن مهدي وابن عيينة ثم أحمد ويحي بن معين وعلي بن المديني ثم البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة، ثم الترمذي وابن أبي حاتم، ثم النسائي والخليلي، ثم الدارقطني وطبقته، ثم الحاكم وطبقته ثم البيهقي وطبقته

.. ولن تصل إلى البيهقي إلا والسنة كلها قد دونت ويكون الإسناد بعد على أبعد تقديرات الباحثين رواة كتب لا رواة أحاديث فهؤلاء المذكورون والمراد التمثيل بالطبقات لا الحصر بالتعيين:هم أرباب النقد، وكل من جاء بعدهم فليس من أرباب النقد (الحديثي) وإنما عنده آلتان: إحداهما الاطلاع والأخرى حسن الفهم.. وهما معين لا ينبض كم متأخر أربى فيهما من سابق..
فتوهيم أن الإمام النووي من أرباب النقد قول منكر لدى أهل هذا العلم والمختصين به وفيه، نعم هو من فضلاء العلماء ممن لا يثلب ولا يذكر إلا بكل خير


.
إذا علمت هذا فاعلم أن أرباب النقد


(الحديثي) لم يضعوا له قواعد وإنما وضعت القواعد بعدهم بقرون ثم إن هذا ليس قدحا في القواعد وإنما هو بيان للحق فقط ..
ثم إن قول النووي


: ولا يقبل الجرح الخ ليس من القواعد، وإنما هو رابع ثلاثة أقوال مشهورة في مسألة الجرح والتعديل المبهمين، مذكورة في التدريب لكنها لا تخدم المراد فتطرب وتزكى وتذكر .
والمراد بالجرح والتعديل المبهمين كما عقدته في منة الجليل


:
والجرح كالتعديل إما تذكر


*** أسبابه فليدع بالمفسر
أو لا فمبهم


....
ومسألة قبول الجرح والتعديل المبهمين فيها أربعة أقوال


: يقبلان، ولا يقبلان، ويقبل الجرح فقط، ويقبل التعديل فقط...
وهذه المسألة من المسائل التي لم يحرر فيها كثير من المؤلفين


(بما فيهم السيوطي في التدريب) محل النزاع.
وتحرير محل النزاع فيها كما حرره الحافظ ابن حجر أن المناط في قبول الجرح والتعديل أمران


:
أحدهما


: أن يكون المعدل أو الجارح عالما بأسباب الجرح أو التعديل، سليم القواعد والأصول في ذلك.
فهذا يقبل جرحه لغير من ثبتت عدالته وإن كان مبهما، ويظهر أن لا خلاف في هذه الجزئية بهذه القيود


.
الثاني


: أن تكون الأسباب المعدل أو المجرح بسببها معتبرة لدى النقاد، فإن لم تكن كذلك فلا تعتبر وإن كان الجارح أو المعدل من الأئمة الكبار كمالك وشعبة.
ينظر


: نزهة النظر وفتح المغيث للسخاوي والرفع والتكميل في الجرح والتعديل للكنوي وضوابط الجرح والتعديل للعبد اللطيف .. وأنا روا بالمعنى (بشرطها).
فالعبارة ليست محكمة ولا قاعدة ولا من قواعد أرباب النقد، وإنما بينت هذه الأخطاء مجاملة لكم لما أوجبتم على الهمسات من بيان الأخطاء المنهجية التاريخية، فالأخطاء العلمية أولى خاصة في هذا العلم الشريف الجليل الذي قد لا يلم به كثير من القراء


.
(يتبع)



 توقيع : اليعقوبي

قال تعالى: وَقـُلْ لِعِبَادِي يَقـُولوا التي هِيَ أَحْسَنُ أي يقل بعضهم لبعض على اختلاف مراتبهم ومنازلهم ـ التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيـْنَهُمْ أي يهيج الشر، ويلقي العداوة ،ويسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم ـ بسوء محاورة بعضهم بعضاإِنَّ الشَّيْطَانَ كانَ لِلإِنسَا]أي كان لآدم وذريته عَـدُوّاً مُبِيناًأي ظاهر العداوة

رد مع اقتباس
قديم 04-13-2010, 06:44 AM   #2


الصورة الرمزية اليعقوبي
اليعقوبي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 46
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-20-2020 (12:54 AM)
 المشاركات : 668 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: همسات لكتاب تاريخ وأدب السوقيين (الأخير)



11) )
فإن كانت الهمسات تناولت لمس كساء المبالغات، فلتبينه أيضاً بالتفصيل، لأن باب المبالغة أشبع أقوالاً للعلماء بين مجيز ومانع، من ذلك ما قاله أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني ـ رحمه الله:

باب المبالغة:
وهي ضروب كثيرة، والناس فيها مختلفون، منهم من يؤثرها، ويقول بتفضيلها، ويراها الغاية القصوى في الجودة..
ومنهم من يعيبها، وينكرها، ويراها عيا وهجنة في الكلام..
فأما الغلو فهو الذي ينكره من ينكر المبالغة من سائر أنواعها، ويقع فيه الخلاف، لا ما سواه مما بينت، ولو بطلت المبالغة كلها، وعيبت لبطل التشبيه، وعيبت الاستعارة، إلى كثير من محاسن الكلام.
كتاب: العمدة في صناعة الشعر ونقده. 2/658-661. ط: مكتبة الخانجي ـ القاهرة. )
أما هذا فتحت أمرك يا مولاي


:

أما المبالغة فهي نوعان مبالغة اصطلاحية ولغوية فالاصطلاحية في عرف البلاغيين منها الإيغال والغلو


.. وغيرها ومن أمثلتها قول الشاعر: حتى لتخافك النطف التي لم تخلق. وهي أخص من المبالغة اللغوية.

والمبالغة التي ذكرها ابن رشيق هي الاصطلاحية ولم يبحثها من حيث الموضوعية ولا من حيث المنهجية ولا من حيث الشرع بل بحثها من الناحية البلاغية والهمسات بعيدة عن هذا المنحى


.

ثم إنكم ذكرتم أن باب المبالغة أشبع أقوالا للعلماء الخ ثم مثلتم بابن رشيق، وهذا فيه أربع منفيات


:

الأولى


: لم يكن باب المبالغة أشبع أقوالا للعلماء إلا أن يعاد صوغ العبارة..

الثانية


: لم يكن ابن رشيق معدودا من العلماء وإنما هو أديب ذكر عن نفسه في عمدته أنه رقيق الدين.

الثالثة


: لم يمنع ولم يجز المبالغة وإنما يتكلم عن الذوق الأدبي ولم ينقل عن العلماء وإنما عزا إلى الناس وهو عموم أريد به خصوص الأدباء كما لا يخفى.

الرابعة


: ابن رشيق لا يتحدث عن المبالغة اللغوية إنما يتحدث عن المبالغة الاصطلاحية البلاغية.

ثم إني رجعت إلى العمدة فرأيت أنك حذت من كلامه ما هو حجة لك مبالغة في الاختصار وها أنا ألصق كل كلامه وأنبه على ما حذف وما فيه من الحجة عليكم


:

قال


: (وهي ضروب كثيرة. والناس فيها مختلفون: منهم من يؤثرها، ويقول بتفضيلها، ويراها الغاية القصوى في الجودة، وذلك مشهور من مذهب نابغة بني ذبيان، وهو القائل: أشعر الناس من استجيد كذبه، وضحك من رديئه، هكذا أعرفه، ورأيت بخط جماعة منهم عبد الكريم والباغي من استجيد جيده ومطابقه وضحك من رديئه. وروى قوم من حديث النابغة ومطالبته حسان ابن ثابت بالمبالغة ونسبته إياه إلى التقصير في قوله:

لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى


... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما

ما هو مشهور عندهم مشهور في كتبهم


.

ومنهم من يعيبها وينكرها، ويراها عياً وهجنة في الكلام،


قال بعض الحذاق بنقد الشعر: المبالغة ربما أحالت المعنى، ولبسته على السامع؛ فليست لذلك من أحسن الكلام ولا أفخره، لأنها لا تقع موقع القبول كما يقع الاقتصاد وما قاربه؛ لأنه ينبغي أن يكون من أهم أغراض الشاعر والمتكلم أيضاً الإبانة والإفصاح، وتقريب المعنى على السامع؛ فإن العرب إنما فضلت بالبيان والفصاحة، وحلا منطقها في الصدور وقبلته النفوس لأساليب حسنة، وإشارات لطيفة، تكسبه بياناً وتصوره في القلوب تصويراً، ولو كان الشعر هو المبالغة لكانت الحاضرة والمحدثون أشعر من القدماء، وقد رأيناهم احتالوا للكلام حتى قربوه من فهم السامع بالاستعارات والمجازات التي استعملوها، وبالتشكك في الشبهين، كما قال ذو الرمة:

فيا ظبية الوعساء بين جلاجل


... وبين النقا أنت أم أم سالم

فلو أنه قال أنت أم سالم على نفي الشك بل لو قال


" أنت أحسن من الظبية " لما حل من القلوب محل التشكك. وكما قال جرير:

فإنك لو رأيت عبيد نسيمٍ


... وتيماً قلت: أيهم العبيد

فلو قال


" عبيدهم " أو " خير منهم " لما ظن به الصدق، فاحتال في تقريب المشابهة؛ لأن في قربها لطافة تقع في القلوب وتدعو إلى التصديق.

وكذلك قول أبي النجم يصف عرق الخيل


:

كأنه من عرقٍ يسربله


... ككرسف النداف لولا بلله

فإنه لو قال


" إنه الكرسف " لم يكن في حسن هذا؛ لأنه يشهد بتقارب الشبهين إلى أن وقع في الشك.. والمبالغة في صناعة الشعر كالاستراحة من الشاعر إذا أعياه إيراد معنى حسن بالغ فيشغل الأسماع بما هو محال، ويهول مع ذلك على السامعين، وإنما يقصدها من ليس بمتمكن من محاسن الكلام أن تمكنه، ولا يتعذر عليه، وتنجذب كلما أرادها إليه، انقضى كلامه.

وفيه كفاية وبلاغ، إلا أنه فيما يظهر من فحواه لم يرد إلا ما كان فيه بعد، وليس كل مبالغة كذلك، ألا ترى أن التتميم إذا طلبت حقيقته كان ضرباً من المبالغة وإن ظهر أنه من أنواع الحشو المستحسن، وقد مر ذكره


. وكذلك ما ناسب قول ابن المعتز يصف خيلاً:

صببنا عليها ظالمين سياطنا


... وطارت بها أيدٍ سراع وأرجل

وهذا عند جميع الناس من باب الحشو، وهو عندي مبالغة، وكذلك الإيغال، وسيرد في بابه إن شاء الله


.

فمن أحسن المبالغة وأغربها عند الحذاق


: التقصي، وهو بلوغ الشاعر أقصى ما يمكن من وصف الشيء، كقول عمرو بن الأيهم التغلبي:

ونكرم جارنا ما دام فينا


... ونتبعه الكرامة حيث كانا

فتقصى بما يمكن أن يقدر عليه فتعاطاه ووصف به قومه


.

ومن أغربها أيضاً ترادف الصفات، وفي ذلك تهويل مع صحة لفظ لا تحيل معنى، كقول الله تعالى


: " أو كظلمات في بحر لجىً يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعضٍ ".

فأما الغلو فهو الذي ينكره من ينكر المبالغة من سائر أنواعها، ويقع فيه الاختلاف لا ما سواه مما بينت، ولو بطلت المبالغة كلها وعيبت لبطل التشبيه وعيبت الاستعارة، إلى كثير من محاسن الكلام


.

فمما حذف وهو الذي لونته بالأحمر


:

الحذفة الأولى


:

ما يدل على أن من العلماء القائلين بجواز المبالغة النابغة الذبياني المالكي


!! السوقي!!

أن هذا السوقي المالكي الذبياني ممن يمشي على قادة أعذب الشعر أكذبه


.

هذا المحذوف نص في أن الحديث عن المبالغة في الشعر


.

من أعظم الفوائد يا عمي أداس في هذا المحذوف أني أشعر الناس حيث قلتُ واستجدته


:

ثم القصور تخالها الصخور ولا


***رمل هنالك إلا المسك ينهال

وقال الأدرعي


:

ما معناه أن النجوم تقبل ثرى السوق، وأن المرآة لا تستطيع أن تعكس شعره


...

الحذفة الثانية


: وفيها وصف المبالغة بصفات لو اطلعت عليها لأودعتها الهمسات وتراجعت عن بيتي السابق ولعل الأدباء يتدخلون فينقذون الموقف، ومن هذه الأوصاف:

1)


أنها تحيل المعنى وتلبسه على السامع.

2)


أنها ليست من أحسن الكلام وأفخره.

3)


أن ما لا مبالغة فيه أكثر قبولا مما فيه مبالغة.

4)


أنها مذهب المحدثين والمولدين وليست من مذاهب العرب الأقدمين.

5)


أنها من العي الذي يلجأ إليه من لم يستطع إيراد معنى حسن.

6)


أنها لا يقصدها إلا غير المتمكن من محاسن الكلام.

هذا كله في ذم المبالغة في الشعر فكيف الأمر في المبالغة فكيف في التاريخ الذي أصله نقل الوقائع


.

7)


أن هذا الكلام المحذوف يرتضيه ابن رشيق ويحمله على بعض أنواع المبالغة.

8)


أن للمبالغة أنواعا منها: التتميم والحشو والتقصي وترادف الصفات، وهذا كله يدل على هذه المبالغة عرفية لا ينبغي تعميمها.

12)


قلتم: ( قلت: وما زال العلماء سلفاً وخلفاً يتناولون ضروباً من محاسن الكلام، من ذلك هذا النقل المقول فيه: وقد سمعت عليّ بن محمد بن مهْرُوَيه يقول : سمعت هارون بن هزاري يقول : سمعت سفيان بن عُيَيْنة يقول :مَن أحبَّ أن ينظرَ إلى رجلٍ خُلقَ من الذَّهب والمسك فليَنْظُر إلى الخليل بن أحمد[ المزهر في علوم اللغة وأنواعها - السيوطي)

متى كان البحث في ضروب محاسن الكلام؟؟؟
وأما النقل المذكور فلا يثبت بهذا الإسناد فإن السيوطي قطعا لم يسمع ابن مهرويه بينهما أربعة قرون على الأقل، فلا نعلق عليه حتى يثبت، فهو هكذا غير ثابت بهذا الإسناد


.

ثم إني لم أرد المشاغبة فنظرت في المزهر فإذا الكلام بين عدة نقول عن ابن فارس في فقه اللغة ثم رجعت إلى فقه اللغة لابن فارس فجدت إسناده كما هو


:

وعليه فسأجيب الشيخ على إيراده لهذا الكلام ولن أشغب عليه


.

والجواب عنه يتم


.

فأما المترجم فأترجمه ترجمة سردية أنقل فيها بعض ما قيل فيه


:

-


قال له أحد معاصريه العلماء: (ما رأيت أحدا يطلب إليه ما عنده أشد تواضعا منك يا خليل بن أحمد لا بن عون ولا غيره)

ومما وصفه به مترجموه


:

-


كان من خيار عباد الله المتقشفين في العبادة.

-


وقد كان الخليل رجلا صالحا عاقلا وقورا كاملا وكان متقللا من الدنيا جدا صبورا على خشونة العيش وضيقه، وكان يقول لا يجاوز همي ما وراء بابي وكان ظريفا حسن الخلق

-


وقد كان الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس فيه وهو أول من استخرج العروض وحصر أشعار العرب بها وعمل أول كتاب العين المعروف المشهور الذي به يتهيأ ضبط اللغة.

-


وكان من الزهاد في الدنيا والمنقطعين إلى العلم.

-


كان إماما كبير القدر في لسان العرب خيرا متواضعا فيه زهد وتعفف.

-


وكان رأسا في لسان العرب، دينا، ورعا، قانعا، متواضعا، كبير الشأن.

-


وهو معدود في الزهاد، كان يقول: إني لأغلق علي بابي، فما يجاوزه همي.

-


كان إذا أفاد إنسانا شيئا، لم يره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئا، أراه بأنه استفاد منه.

(


ينظر: الثقات لابن حبان - (8 /230) تهذيب الكمال - (8 /327) العبر في خبر من غبر - (1 /268) البداية والنهاية - (10 / 161)أخبار النحويين - (1 /5) )

أما معنى العبارة فهي من العبارات التي لا يمكن أن يتصور عاقل أن ظاهرها مراد؛ لأننا من المعلوم أن سفيان يعرف مم خلق الفراهيدي، فمعنى العبارة كناية عن حسن خلقه وطيب ذكره ونشره بين الناس


.

وهذا ليس مبالغة في الخليل بن أحمد


.

ثم إن العبارة قد صدرتها بأمر عظيم


: قلت وما زال العلماء سلفا وخلفا الخ هذا كلام عظيم لم تستدل عليه إلا بدليل واحد ولم تنقل فيه عن إمام معتبر فما هو إلا تهويل بذكر العلماء وطباق وجناس بذكر السلف والخلف.

13)


قلتم: (قلت: وباب المبالغة أيضاً ليس منحصراً في كتاب التاريخ والأدب، بل يعم حكمه من يتناول المنثور والمنظوم على حد سواء، والمعنى في بطن الشاعر.)

أما مقولكم فلم أفهمه، وأما المعنى في بطن الشاعر فنكتة عامية يقولها المتكلم عند عيه وأن أقول لك


: ههههههههههههههههههه

14)


قلتم(قال العلامة المناوي: عند شرحه حديث: إن من البيان سحرا.. وإن من الشعر حكما..

فقال ما نصه: فأشار إلى أن الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح، وكل كلام ذو وجهين بحسب المقاصد.. فيض القدير..2/525.ط: دار المعرفة.)
هذا نص عبارة المناوي


: في فيض القدير(2 /525)

(


وإن من الشعر حكما ) أكد هنا وفيما مر بأن في بعض الروايات باللام أيضا ردا على من أطلق كراهة الشعر فأشار إلى أن الشعر حسنه حسن وقبيحه قبيح وكل كلام ذو وجهين يختلف بحسب المقاصد)

وسقطت يختلف وفيها فائدة في تأصيل أن الكلام التاريخي ينبغي أن يكون ذا وجه واحد لأن اختلاف مقاصد الكلام يجعل قائله هو أبوه الوحيد كالشعر الرمزي


.

وبعدم وجودها تصح دليلا لبعض مذاهب الشيخ التي ساقها من أجلها لكن المصيبة أني رجعت إلى أصوله فجزاني الله عن الموضوعية خيرا لوكنت أعلم هذه الحذفات لأضفتها في الهمسات


.

وختاما أوافقك على خاتمتك فها أنا ألصقها كما زبرجتها


(لذا فالأمر كما قلتَ وأوافقك عليه: إن القراء أذكى بكثير مما يتصوره الكاتب..

فختاماً إنه من أراد أن يعوم في بحر الإيغال والإيهام، في أعرض الآخرين، فإنه سيقتحم بابا حرمه شرعنا المطهر، وزجر عنه..
وليلعم أن الأمر كما قاله الإمام الشافعي:
فمن رآني بعين نقص رأيته بالتي رآني.
فالحمد لله على ما من علينا من مننه التي لا تعد وتحصى قديماً وحديثاً، فمن يتكلم فليتكلم في حدود النصيحة إن ظهر له من أخيه ما يوجب النصيحة.
على الوجه الذي قيل لمبصر شمسه: فعلى مثلها فاشهد.
فليظهرها لأخيه بيضاء نقية.
وإنني لم أزل أكرر الأثر المشهور: رحم الله من أهدى إلي عيبي..
ولله الحمد لقد قابلنا نصائح قددا بالشكر والتقدير، علماً أني لي مستندي فيما أورده، ومع ذلك أتقبلها، لا تقبل إمعة، بل أضعها في سجل البحث بين مصادري، وبين مصدر من أهداها إليّ، فمتى ظهر لي رجحان الراجحة، قبلت الحق، والحق أحق أن يتبع.
فما أحسن قول من قال: لأن أكون ذنباً في الحق أحب إليّ من أكون رأساً في الباطل )


 
التعديل الأخير تم بواسطة اليعقوبي ; 04-13-2010 الساعة 06:48 AM

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الاتجاهات الفكرية والعقدية التي سادت في تاريخ الغرب الإسلامي إبان العصور الوسطى م الإدريسي المنتدى الإسلامي 3 03-01-2013 11:18 PM
إستفسار عن تاريخ القبائل الهقار هل هم عجم شبليش المنتدى التاريخي 7 04-08-2010 07:01 PM
بعض الكتب التي تتحدث عن تاريخ إولمدن الباحث المنتدى التاريخي 3 04-05-2010 05:40 AM
تاريخ جمهورية مالي:موطن مدينة السوق malihouse المنتدى العام 16 01-11-2010 09:46 PM
الطائرة في شعر السوقيين. السوقي الخرجي المنتدى الأدبي 8 06-12-2009 05:26 PM