العودة   منتديات مدينة السوق > القسم التاريخي > المنتدى التاريخي

المنتدى التاريخي منتدى يهتم بتاريخ إقليم أزواد .

Untitled Document
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-24-2009, 11:38 AM   #2


الصورة الرمزية ولت فرش
ولت فرش غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 100
 تاريخ التسجيل :  Jun 2009
 أخر زيارة : 08-09-2009 (09:09 AM)
 المشاركات : 36 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تمبكتو, وثلاثية..الملح ,والذهب,والكتاب:2




وبمرور الوقت ، واستمرار الحركة على هذا المنوال ، وازدياد رواد المكان ، تطور المكان ( المستودع ) إلى قرية ، ومدشر ، فيه القار ، والظاعن ، ثم إلى ملتقى ، وسوق للتبادل بين ( السراح ، والزراع ) أي الرعاة ؛ أصحاب المواشي ، والأبقار ، والأغنام ، والإبل ، والقوافل السيارة ( المقطر/ أو أكبار ، أو أزلاي ) - تسميات محلية لقافلة الملح - وما تحمله من سلع وبضائع الشمال ( ملح أو أقمشة ، أو حرير ، وغيرها ) ، والزراع ؛ وهم أصحاب فلاحة الأرض وما تجود به من خيراتها ، ومعادنها النفيسة : ( ذهب والألماس ونحاس ) ومنتج الكولا وعاج الفيل ، وريش النعام .. الخ ..

كانت هذه هي البداية الحقيقة لهذه المدينة العظيمة : تمبكتو ...
وإذا كانت بعض المدن ، والجهات قد تصاب ( بلعنة المكان ) أو الجغرافيا ، فإن بعضها - أيضا - قد يحظى ، ويفوز ( ببركة المكان ) كما هو حال هذه المدينة ...

اقرأ ماذا يقول عن نشأتها - ابنها البار - " عبد الرحمن السعدي " في كتابه القيم ( تاريخ السودان ) : " هذه البلدة الطيبة .. الطاهرة .. الزكية .. الفاخرة ذات بركة .. ونجعة.. وحركة ( ... ) ما دنستها عبادة الأوثان .. ولا سجد على أديمها قط لغير الرحمن .. مأوى العلماء .. والعابدين .. ومألف الأولياء .. والزاهدين .. وملتقى الفلك السيار .. "
وأهل المدينة ومنهم مؤرخها الشهير " محمود كعت " - صاحب كتاب : تاريخ الفتاش - يعتبرون هذه الميزات - التي ذكرها السعدي - من أسباب نهضتها .. وازدهارها .. ونموها المطرد ، وحصن حصين لها يحفظها من الأعداء ، وأصحاب الأطماع السياسية المتربصين بها دائما في كل وقت وحين ، ويتحينون الفرص للانقضاض ، واحكام السيطرة عليها ، والإستحواذ على ما تزخر به من خيرات ، وكنوز ، وأموال ، وثروات يسيل لها لعاب الكثيرين ...

ويرجع كعت - أفضليتها كذلك - إلى تغلغل الإسلام في مختلف أوجه الحياة فيها ، وكثرة العلماء ، والأولياء الذين تضمهم جنباتها ، فتكاد لا تخلو ضاحية من ضواحيها ؛ من زاوية ، أو ضريح لعالم ، أو ولي مشهور ، يشار له بالبنان ، الأمر الذي جعلها تفضل سائر المدن ، والأسواق التجارية في السودان ، وبلاد المغرب ...

هذا وبعد أن ذاع صيت المدينة ، وبغلت شهرتها الآفاق ، بسبب ما تناقله الركبان إلى كل الأرجاء عن ازدهارها التجاري ، وما يعرض في أسواقها من معدن الذهب النفيس ، وما اشتهر في الغرب عن جودة ذهبها ، والأرباح الطائلة التي يجنيها التجار من بلاد المغرب المترددين عليها ، وربما للدور الريادي الذي اطلعت به في نشر الإسلام في النطاق الإفريقي جنوبي الصحراء ، كل هذا مجتمعا جعل القادة الدينيين ، وأصحاب الحكم ، وكذلك الفئة الباحثة عن جمع الثروات ، وجني الأرباح في الغرب جعلهم يوجهون الإهتمام إلى هذه المنطقة ، ويشجعون ، المستكشفين ، والمغامرين إلى الإتجاه صوب هذه النقطة الجاذبة ، المشعة ، المتوهجة ، في أقصى بلاد المسلمين .

ومن المعلوم - آنذاك - أن الغرب كان يستكشف لكي يستحوذ ، ويبتلع ما استكشفه - إن كان يستحق الإبتلاع - وهنا طورت الفكرة حتى يضفى عليها طابع السمو ، فتصبح كأنها هدف نبيل غايته ومبتغاه البحث ، والإستكشاف العلمي البحت ، ووظفت الجمعيات الجغرافية ، والشبان ، بل والباحثين الكبار المتحمسين ، والباحثين عن سبق علمي ما ، وظفوا ، ودعموا دعما سخيا لتحقيق الأهداف ، والمآرب البعيدة للساسة وغيرهم من النخب ذوي التوجهات الإستعمارية ، والتوسعية في العالم ، خارج أوروبا ، تلك القارة العجوز التي نضبت مواردها ، وشحت ثرواتها ، وضاقت بأهلها حتى أصبح همهم ، وشغلهم الشاغل هو التوسع في أرض الغير ، واغتصاب موارد ، وخيرات الغير ، وتكون رأي عام جعل الكثير من هؤلاء يتمنون، ويحلمون بالوصول إلى الأماكن ذات الشهرة ، والبعيدة عن أوروبا - نسبيا - فكانت تمبكتو من ضمن هذه الحزمة من الأهداف ، والأماكن التي صُوب نحوها السهم ، وجُيشت النفوس ، بغية الوصول إليها وفك لغزها ، وطلسمها المحير ، وقرأنا عن طائفة من الرحالة ، والمستكشفين في الغرب كان حلمهم الأكبر الوصول إلى تمبكتو ، والكتابة عنها ، وقد دفع بعضهم حياته ثمنا لهذا الحلم ، وتمكن البعض من زيارتها ، بشق الأنفس ، والكتابة عنها في القرنين 18/19 الملاديين ، كمنجو بارك .. ود/ هنري بارث .. ورينيه كاييه .. وفيلكس دي بوا .. وبول مارتي .. ( الأخيران وصلا بعد الإحتلال ) ... وغيرهم ..

وسنستعين ببعض ما دونوا ، ولاحظوا ، وكتبوا ، وما استطاعوا جمعه مما تفرق من تاريخ المدينة ، وأهلها في طيات ، وثنايا هذا الحديث دون أن يكون أعتمادنا الكلي عليهم ...

وفي معرض تعليقه عن اختيار مدينة كبيرة عامرة في هذا المكان يقول أحدهم وهو الرحالة الفرنسي ( رينيه كاييه ) : - بعد زيارته للمدينة في القرن التاسع عشر الميلادي - مندهشا " إنني لا أعرف الدافع إلى إقامة مدينة كبيرة كهذه وسط الصحراء " ثم يستدرك فيقول : " الأمر الذي يدعو إلى الإعجاب بالجهود التي بذلها مؤسسها ...!!! "
ونحن نقول له : إذا كانت أوروبا تعتز باكتشافها للأمريكيتين ، وإقامة دنيا جديدة هناك ، وعالم جديد يقوم على إقصاء الآخر ، بل وتهميشه ، وإبادته ( ربما بمنطق التخلية قبل التحلية ) !!! فإن من حق العرب المسلمين ( العرب ، والطوارق ) - كذلك - أن يفخروا ، ويعتزوا بجهدهم المتميز في تأسيس ، وتعمير أغلب المراكز التجارية ، والثقافية في إفريقيا جنوبي الصحراء ، بل واختلاطهم ، والتحامهم الرائع ، والجميل بمن كان قبلهم من الشعوب ، والأقوام ، والقبائل ، دون إقصاء أو تهميش ، أو إبادة ... وقد رفعكم صيتها - تلك المدن التي تندهش من إقامتها - وسمعتها من أقاصي أوروبا ، وركبتم الصعاب ، والمخاطر الجمة حتى تمكنتم من رؤيتها ، والكتابة عنها ... أفلا يستحق في رأيكم هذا الإنجاز الإشادة ، والإعتبار ، والتنويه ، كعمل ، واختيار موفق ؟!!!

وهنا يحضرني قول منصف لأحد الباحثين المهتمين بتاريخ المنطقة : ... وكان مما يحسب لهم - العرب - ومن جرأتهم إقدامهم على اختراق الصحراء الكبرى ، وتوغلهم في العمق الإفريقي ، وإقامتهم للمحطات التجارية لقوافلهم عند نقاط التقاء سكان الصحراء ، مع سكان مناطق السافانا ، والغابات الوعرة ..

ويقينا أن إيمان هؤلاء الكبير بالإسلام ، وبرسالته العظيمة ، وضرورة تبليغها - للناس كافة - كان العامل الأهم في نجاحهم الباهر في هذا الإختراق ، وهذا الإنجاز وذاك التمازج ، والإختلاط السمح ..

وإذا كان الكتاب الغربيون قد سعوا لزيارة المدينة ، والكتابة عنها فإن الكتاب ، والرحالة العرب كانوا السباقين إلى المنطقة و الكتابة عنها منذ وقت مبكر جدا قبل أن تتفتح عيون الغربيين على الرحلة ، والإستكشاف ، فنجد الحديث عن المنطقة ، عند البكري ... والعمري .. وابن بطوطة .. وابن خلدون .. وحسن الوزان ( ليون الإفريقي ) وربما من خلال كتابات الأخير عن تمبكتو سمع في الغرب عنها أول ما سمع ..
وكان أول من أرخ للمدينة هو : عبد الرحمن السعدي - وهو عمدتنا في هذا الحديث - تحدث عن نشأة المدينة .. وتطورها .. والمراحل التاريخية التي مرت بها .. كما تحدث باستفاضة عن حياة الناس فيها .. وأنماط عيشهم .. والحياة الثقافية و العلمية فيها .. وذكر الدول التي حكمتها ، وبسطت سيطرتها عليها .. ومدد تلك السيطرة ، وذلك الحكم .

فذكر أن الطوارق - وهم المؤسسون - قد حكموا تمبكتو حوالي أربعة عقود وكان ذلك في عهد المرابطين وقد تأسست المدينة ابتداء في زمنهم ...


 

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وقفة لطيفة بين يدي درر مخطوط: ((صرف العتاب عن المتمسك بالسنة والكتاب)) السوقي الأسدي منتدى الأعلام و التراجم 8 06-16-2009 04:26 PM