عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-2010, 11:25 AM   #63
مراقب عام القسم التاريخي


الصورة الرمزية السوقي الأسدي
السوقي الأسدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45
 تاريخ التسجيل :  Feb 2009
 أخر زيارة : 07-18-2016 (12:24 PM)
 المشاركات : 1,152 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: نثرة الورود الثالثة:



الإطلالة السابعة: طرق مذاكرة النجوم الوهاجة ـ الطرق المتبعة عند أسلافهم ـ دهراً دهراً.


ولو لم يشقني الظاعنون لشـاقني***حمام تغنّى في الديار وقوع


تجاوبن فاستبكين من كان ذا هوى***نوائح ما تجري لهن دموع

إن هذا الموقف من مواقف البكاء الطللي يجري لحمام إذا ترنم، صيرني صورته أنا:
ابن ثلاث بين عودين أعجما.

ألا لائمتي لومي إذا شئت أو دعي***فمن يهوى هذا الحسن لم يخش لوما

أيها القارئ الكريم، إنني لما خرج بي شخي المؤرخ الغطاس من قحم البحار، أوقفني على الأطلال والفيافي والقفار، ثم غرب، وشرقت ينشد عنه لسان الحال:

أليس من ورائي إن تراخت منيتي***لزوم العصا تحنى عليها الأصابع

ومضيت في سبيلي أجوب الصحاري، وأقطع مفاوز البراري:

كأني ورحلي والقراب ونمرقي***على يرفئي ذي زوائد نقنق

بسم الله القائل ـ سبحانه: ( بسم الله مجراها ومرساها)أخي القارئ الكريم:

بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها***تنال إلاّ على جسر من التعب

لم يبالغ هذا الشاعر، في تصوير حقيقة محور هذه المحاور، وهو ما يناله الطفل السوقي من المعانات في سبيل طلب العلم إلى يوم يتمثل له في المجالس بالأثر المشهور: لا يفتى ومالك في المدينة.
هذه بعض اليوميات عن صور النجوم الوهاجة، لما شمر كل واحد منهم عن ساق الجد، وعن ساعديه حسر. وذلك عبر هذه الشعل.



الشعلة الأولى: ما تقدم في الإطلالة السادسة من تلقي دروسه من أفواه العلماء الأعلام في كل فن، يتلقى الطالب درسه من في شيخه، بعد كتابه على لوحه الخشبي ـ الدفتر التقليدي ـ إن كان الطالب من الأطفال الصغار، أومن فوقهم بقليل.
وإن كان غيرهم فيأخذ دروسه من نسخ متونهم العلمية المخطوطة بالخط السوقي، وهو الغالب.
الشعلة الثانية: يشرع الطالب في الحال من قراءة درسه، بعد قراءة شيخه عليه درسه ذلك، ليتأكد شيخه من صحة ألفاظه، وإدراك حقيقة فهم ذلك الطالب لمادة درسه.
ويظل الطالب بقراءة الدرس على شيخه ليصحح بين يديه الألفاظ، والمعاني، فإذا رأى من شيخه أنه أحكم صحة ألفاظ درسه، ومعانيه، إضافة إلى فهم مدراك درسه نهض.
الشعلة الثالثة: قيام ذلك الطالب بدرسه ذاهباً به إلى أبعد مكان، لما توارثوه من هذه القاعدة: صوت الذباب يذهب بالعقل اللباب. وذلك ليمكنه من عدم الانشغال إلاّ بدرسه، مجانباً كل ما يشغله عن مذاكرة درسه، وإتقانه حفظه لفظاً ومعنى، وفهماً.
على قاعدة: الدرس حرف والتكرار ألف. كما يتوارثون تلقينه لطلابهم جيلا جيلا.
فإذا ارتفعت الشمس ارتفاعات تدنيها إلى منتصف النهار، عاد الطلاب إلى البيوت، وكل واحد يذهب إلى بيته لوجبة الغداء والقيلولة إلى وقت الظهر، فإذا صلى الناس الظهر رجع كل واحد إلى ما كان من مكان بعيد عن الناس كما تقدم.
فهم في الحقيقة في النهار أسد الغابة، لا يمل كل واحد منهم من زأرات في دروسه إلى قرب غروب الشمس.
الشعلة الرابعة: دور الفترة المسائية، فمن كان يرى أنه بقي له شيء من درسه، أي: أنه ما كان قد أتقن حفظه من وراء ظهر القلب على الوجه المطلوب، احتطب ليستعين بضوء النار في الليل لحفظ ما بقي عليه اتقانه.
الشعلة الخامسة: قيام الطالب بمذاكرة ما حصل عليه من المتون حفظاً في حياته العلمية من أولها إلى متن درس يومه ذلك، وكل ذلك يقرأه من وراء ظهر القلب.
بعضهم من بعد المغرب مستمرا بعد صلاة العشاء إلى الصباح، وبعضهم من بعد العشاء من غير عشاء إلى قول المؤذن للفجر: حي على الفلاح..
وهو الغالب المشهور المتواتر المستفاض.

الجسم يذيبه حقوق الخدمة***والقلب عذابه علو الهمة


والعمر باك ينقضي في تعب***والراحة ماتت فعليها الرحمة

حقاً ما قاله الإمام ابن دقيق العيد ـ رحمه الله. قلت هذا مقام ضرب فيه طلاب آل السوق أورع الأمثلة، عصراً عصراً من ذلك حدثنا به صاحب الترجمة الشيخ إغلس ـ رحمه الله ـ عن نفسه، قائلاً:

وكم رعى نوج ليل وارتقب***ما ذاك إلاّ في خصائص العرب


وكم مداد قد ألاق وكتب***وكم يراع شجه وكم قصب


وكم طوى أحشاءه على السغب***وذاك من تدآبه على الطلب

وبهذا مواصلة السلسلة الذهبية في تفنن السوقيين في العلوم، تاركاً للبرتلي ـ رحمه الله ـ قائلاً: الشيخ حم بن أحمد بن الشيخ السوقي كان عالما عاملا بعلمه.. متفننا في العلوم النقلية والعقلية، شيخ في علوم التفسير واللغة العربية والحديث... ص 94 فتح الشكور ط: دار الغرب ـ بيروت.
وواد كجوف العير قفر قطعته***به الذئب يعوي كالخليع المعيل
كلانا إذا ما نال شيئاً أفاته***ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل


 
 توقيع : السوقي الأسدي

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ
(الحشر:10)
.................................................. .........................
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكِ وَارْحَمْنِي ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

التعديل الأخير تم بواسطة السوقي الخرجي ; 03-15-2010 الساعة 07:02 PM

رد مع اقتباس