الإطلالة السادسة: أوقات حصص التدريس المقننة المناهج الفنية المتبعة في مدرسة ((تكربنت)) المدرسة التاريخية العلمية المتميزة:
ديار التي كادت ونحن على منى***تحـل بنا لولا نجاء الركـائب
تبدت لنا كالشمس تحت غمامة***بدا حاجب منها وضنّت بحاجب
يا لها من تصوير مطالل بكاء، هيج قلبي الثملي بالبكاء، عن فتية آمنوا بالعلم هدى، فزادهم الله به بصيرة وسؤددا:
فقل لمرجّي معالي الأمور***من غير اجتهاد رجوت المحالا
الحمد لمستحقه وحده، وهو رجائي وملجئي لا ملجأ بعده، يهدي من يشاء إلى الصراط السويّ، الكريم البر اللطيف الحفي ـ اهدنا ـ ما لك يوم الدين ـ سبل الهدى، وأكرمنا بنزل الكرام المنعم عليهم بالرضوان غدا.
أعاذلتي على إتعاب نفسي***ورعي في الدجى روض السهاد
إذا شام الفتى برق المــعالي***فأهون فائت طــيب الرقاد
صدق هذا الشاعر المدرك لحقائق مهور المعالي، كأنه المؤرخ لحقيقة طلب العلم عند السوقيين جيلا جيلا ـ اللهم اجعلها خصلة باقية في عقبهم إلى يوم المآل.
وقد آن لنا استدعاءك لمشاهدة شيء من واقع حال تلك الفترة المعينة العلم ـ حول أنشطة مدرسة تكربنت العلمية ـ حسب مناهجها المقررة ـ حصصها ـ دروسها ـ حسب دقة ضوء نجم آحاد النجوم الوهاجة، من جهة صغر سنهم:
يا ابن الكرام ألا تندو فتبصر ما***قد حدثوك فما راء كمن سمعا
إكسير ذهبها الأول: وقت التدريس فيها، وتوزيع طلبتها النجباء لحصصهم ـ حسب سلمالأولويات.
بعد الفجر: الدروس القرآنية
وأهل هذه الفترة الكريمة: الأطفال الصغار، ذوو الخمسة السنين الأولى في أعمارهم أقل أكثر ممن كان في طبقتهم من النشأة المباركة،بعد ارتفاع الشمس نوعاً ما
إكسير ذهبها الثاني: الطبقة الثانية: طبقة الأطفال المتميزين عن الطبقة الأولى، فهم الذين يدرسون الأجرومية، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، بعد هذه الميمونة.
إكسير ذهبها الثالث: طبقة الشباب المتميزين المجتازين المستوين السابقين، وهؤلاء يدرسون الألفية، ومختصر خليل.
إكسير ذهبها الرابع: طبقة الشبيبة الفضلاء النبلاء، وهم أصحاب المستوى العالي: الكافية، المعاني، الأصول، المنطق.
بهذا يتصل بنا السير: سير ذي رشد، إلى حقيقة القول الأسد، وهو ما نقله الشيخ العلامة سلالة الشيوخ الأعلام حَنّا بن إمتّال السوقي الأنصاري ـ رحمه الله: قال بعد كلام له ناقلا عن عبد الكريم المغيلي وغيره من أهل القرن العاشر الهجري ما نصه: والشيخ محمود السوداني التنبكتي، الذي قال: فيهم: كل من أقيم شاهداً أسأل عن عدالته وجرحته إلاّ السوقيين فإنهم وجدناهم وجربناهم كلهم عدولاً مرضيين تابعين للحق، وقال فيهم أيضاً: إنا وجدنا الصغير منهم يغلب الكبار من غيرهم كحال أجدادهم أهل الحجاز.ص 13. مخطوط بالخط السوقي
وكأني بك ـ أيها القارئ الكريم ـ في مشهد من قالت: لك الويلات إنك مرجلي، وذلك حين وصلنا بر أمان ساحات البحر، عبر سفينة من الزمر، فقمت أمشي ـ مع شيخي المؤرخ الغطاس ـ: كمشية العرنجل
والذي يركــب بحراً سيرى***قُـحَم الأهوال من بعد قحم